فصل: فصل في المحلى بأل من هذا الحرف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


تنبيه‏:‏ قال بعض العارفين‏:‏ انقسام أثر الحكمة إلى الخير والشر والصحة والسقم حجاب من حجب اللّه تعالى كما أن انقسام قوامها إلى العلم والجهل والنور والظلمة غاية مدد حجبه‏.‏

- ‏(‏الخرائطي في‏)‏ كتاب ‏(‏مكارم الأخلاق وابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أسماء بنت أبي بكر‏)‏ الصديق قال المصنف‏:‏ كان بها خراج فشكته إليه فذكره‏.‏

5225 - ‏(‏ضعي يدك اليمنى على فؤادك‏)‏ في رواية فامسحيه ‏(‏وقولي‏)‏ حال مسحه ‏(‏بسم اللّه اللهم داوني بدوائك واشفني بشفائك وأغنني بفضلك عمن سواك واحذر‏)‏ ضبطها بذال معجمة بخط الشارح وليس بصواب فقد وقفت على خط المصنف في مسودّته فوجدته أحدر بدال مهملة ‏(‏عني آذاك‏)‏ قاله لغيري بفتح الراء فعلى من الغيرة وهي الحمية والأنفة‏.‏

- ‏(‏طب عن ميمونة بنت أبي عسيب‏)‏ وقيل‏:‏ بنت أبي عنبسة قالت‏:‏ قالت امرأة يا عائشة أغيثيني بدعوة من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تسكنني بها فذكرته‏.‏ قال المصنف‏:‏ كانت غيرا‏.‏

5226 - ‏(‏ضَمَّنَ ‏[‏‏"‏ضَمّنَ‏"‏، بتشديد الميم‏:‏ جعلهم ضامنين‏.‏ دار الحديث‏]‏اللّهُ خلقَهُ أربعاً‏:‏ الصلاة والزكاة وصوم رمضان والغسل من الجنابة‏.‏ وهن السرائر التي قال اللّه تعالى ‏{‏يوم تبلى السرائر‏}‏‏)‏ وذلك أن اللّه لما علم من عبده الملل وتوالي التواني والكسل لوّن له الطاعات ليدوم له بها تعمير الأوقات فجعلها أبواباً مشتملة على أجناس شتى‏.‏

- ‏(‏هب عن أبي الدرداء‏)‏ ورواه عنه أيضاً ابن لال والديلمي‏.‏

*2*  فصل في المحلى بأل من هذا الحرف‏.‏ ‏[‏أي حرف الضاد‏]‏ـ

5227 -‏(‏الضالة واللقطة‏)‏ ‏[‏ هي ما ضل من البهيمة للذكر والأنثى وفي العلقمي هي الضائعة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره والمراد بها في الحديث الإبل والبقر مما يحمي نفسه ويقدر على طلب الإبعاد في المرعى والماء بخلاف الغنم‏.‏‏]‏ أي الملقوطة ‏(‏تجدها‏)‏ أي التي تجدها ‏(‏فانشدها‏)‏ ‏[‏ ‏"‏فنشدها‏"‏‏:‏ أي ابحث عن صاحبها‏.‏‏]‏ وجوباً ‏(‏ولا تكتم ولا تُغَيِّبْ‏)‏ أي تسترها عن ‏[‏ص 258‏]‏ العيون ‏(‏فإن وجدت ربها‏)‏ أي مالكها ‏(‏فأدها‏)‏ إليه ‏[‏ مع زوائدها المتصلة والمنفصلة قبل أن تتملكها أو بعد تملكها فأدّها إليه دون زوائدها المنفصلة الحادثة بعد تملكها فإن تلفت بعد تملكها وجب رد بدلها‏.‏‏]‏

‏(‏وإلا‏)‏ بأن لم تجده ‏(‏فإنما هو مال اللّه يؤتيه لمن يشاء‏)‏ فإن شئت فاحفظها وإن شئت فتملكها بعد التعريف المعتبر ‏[‏لذلك شروط ومدة تراجع في كتب الفقه‏.‏ دار الحديث‏]‏

- ‏(‏طب عن الجارود‏)‏ صحابي جليل اسمه بشر وفي اسم أبيه خلف‏.‏

5228 - ‏(‏الضب‏)‏ حيوان بري يشبه الورل ‏[‏ محركة دابة كالضب أو العظيم من أشكال الوزغ طويل الذنب صغير الرأس لحمه حار جداً يسمن بقوة وزبله يجلو الوضح وشحمه يعظم الذكر ويبول في كل أربعين يوماً قطرة ولا يسقط له سن ويقال بل أسنانه قطعة واحدة وأكل لحمه يذهب العطش‏.‏‏]‏

قيل‏:‏ يعيش سبع مئة سنة ولا يشرب ‏(‏لست آكله‏)‏ لكوني أعافه وليس كل حلال تطيب النفس له ‏(‏ولا أحرمه‏)‏ مضارعان وفي رواية بجعلهما اسمين قال ابن الأثير‏:‏ وهي أولى لأن الاسمية في هذا المقام أرفع من الفعلية لأنه مع الاسمية يفيد أنه غير متصف بأكله وأن غيره هو الذي يأكله ولأنه مع الاسمية يعمم الأزمنة ومع الفعلية يختص بالاستقبال ومذهب الأئمة الثلاثة حلّ أكله وكرهه الحنفية قال النووي‏:‏ أجمع المسلمون على أنه حلال غير مكروه إلا ما حكى عن الحنفية من كراهته وإلا ما حكاه عياض عن قوم من تحريمه ولا أظنه يصح عن أحد فإن صح فمحجوج بالنص وإجماع من قبله‏.‏

- ‏(‏حم ق‏)‏ في الذبائح ‏(‏ت‏)‏ في الأطعمة ‏(‏ن ه‏)‏ في الصيد ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

5229 - ‏(‏الضبع‏)‏ بضم الباء وسكونها ‏(‏صيد وفيه‏)‏ لفظ رواية الدارقطني وفيها ‏(‏كبش‏)‏ إذا صاده المحرم ويحل أكله عند الشافعية لا الحنفية وكرهه مالك قال ابن العربي‏:‏ وعجباً لمن يحرم الثعلب وهي تفترس الدجاج ويبيح الضبع وهو يفترس الآدمي ويأكله اهـ‏.‏ ومع كونه لا يؤكل عند الحنفية يضمنه المحرم بالجزاء عندهم‏.‏

- ‏(‏قط هق عن ابن عباس‏)‏ وتعقبه الغرياني في مختصر الدارقطني بأن فيه يحيى بن المتوكل ضعفوه، ظاهر كلامه أنه لم يره مخرجاً لأحد من الستة وهو عجب فقد خرجه الأربعة جميعاً‏:‏ أبو داود والترمذي في الأطعمة والنسائي وابن ماجه في الحج كلهم عن جابر قال‏:‏ سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الضبع فقال‏:‏ هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم حسنه الترمذي‏.‏

5230 - ‏(‏الضبع صيد فكلها وفيها كبش مسن إذا أصابها المحرم‏)‏ فيه حلّ أكل الضبع ولا يناقضه خبر الترمذي وابن ماجه أنه سئل‏:‏ أتؤكل الضبع فقال‏:‏ أو يأكل الضبع أحد لأنه منقطع وفي روائه من لا يحتج به لضعفه كما بينه أحمد فلا يقاوم هذا الصحيح‏.‏

- ‏(‏هق عن جابر‏)‏ ورواه عنه الشافعي والترمذي وابن ماجه وصححه البغوي وغيره‏.‏

5231 - ‏(‏الضحك في المسجد ظلمة في القبر‏)‏ فإنه يميت القلب وينسي ذكر الموت ومن ذلك تنشأ الظلمات ولا ينكشف ذلك لإنسان ويستبين غاية البيان إلا في أول منازل الآخرة والناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا لكن المخاطب بذلك إنما هو أمثالنا من أهل اللهو واللعب أما أهل اللّه فضحكهم ينور القلب قال ابن عربي‏:‏ خدمت فاطمة بنت المثنى القرطبي وقد بلغت من العمر نحو مئة فكانت تفرح وتضحك وتضرب بالدف وتقول عجبت لمن يقول أنه يحب اللّه ولا ‏[‏ص 259‏]‏ يفرح به وهو مشهوده عينه إليه ناظرة في كل عين لا يغيب عنه طرفة عين فهؤلاء البكاءون كيف يدعون محبته ويبكون أما يستحيون إذا كان قربه مضاعفاً من قرب المتقربين إليه والمحب أعظم الناس قرباً إليه فهو مشهوده فعلى من يبكي إن هذه لأعجوبة‏.‏

- ‏(‏فر عن أنس‏)‏ ورواه عنه أيضاً الميداني والجرجاني‏.‏

5232 - ‏(‏الضحك ضحكان ضحك يحبه اللّه وضحك يمقته اللّه، فأما الضحك الذي يحبه اللّه فالرجل يكشر‏)‏ أي يكشف عن سنه ويبتسم ‏(‏في وجه أخيه‏)‏ في الإسلام حتى تبدو أسنانه بفعل ذلك ‏(‏حداثة عهد به وشوقاً إلى رؤيته وأما الضحك الذي يمقت اللّه تعالى عليه فالرجل يتكلم بالكلمة الجفاء والباطل‏)‏ عطف تفسير ‏(‏ليضحك أو يضحك‏)‏ بمثناة تحتية فيهما تفتح في الأول وتضم في الثاني بضبط المصنف ‏(‏يهوي‏)‏ أي يسقط ‏(‏بها في جهنم سبعين خريفاً‏)‏ أي سنة سميت باسم الجزء إذ الخريف أحد فصول السنة وفيه تجنى الثمار وهذا القسم من الضحك مذموم منهي عنه والقسم الأول مندوب وهو لغيرهما مباح ما لم يكثر منه وإلا كسره قال النووي‏:‏ قال العلماء يكره إكثار الضحك وهو في أهل الرتب والعلم أقبح ومن آفات كثرته موت القلب أي قسوته وظلمته‏.‏

- ‏(‏هناد عن الحسن مرسلاً‏)‏ هو البصري‏.‏

5233 - ‏(‏الضحك ينقض الصلاة‏)‏ ‏[‏ قال في الفتح‏:‏ قال أهل اللغة التبسم مبادئ الضحك والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور فإن كان بصوت وكان بحيث يسمع من بعد فهو القهقهة وإلا فالضحك وإن كان بلا صوت فهو التبسم وتسمى الأسنان في مقدم الفم الضواحك وهي الثنايا والأنياب وما يليها وتسمى النواجذ‏.‏‏]‏

إن ظهر به حرفان أو حرف مفهم عند الشافعية ‏(‏ولا ينقض الوضوء‏)‏ وإن كان بقهقهة كما اقتضاه الإطلاق وعليه الشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة‏:‏ إن قهقه انتقض‏.‏

- ‏(‏قط‏)‏ من حديث أبي شيبة عن يزيد بن أبي خالد عن أبي سفيان ‏(‏عن جابر‏)‏ قال‏:‏ سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم عن الرجل يضحك في الصلاة فذكره ثم تعقبه مخرجه البيهقي بقوله خالفه إسحاق بن بهلول عن أبيه في لفظه فقال‏:‏ الكلام ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء وعن عطاء عن جابر قال‏:‏ كان لا يرى على الذي يضحك في الصلاة وضوءاً قال‏:‏ والصحيح وقفه على جابر اهـ‏.‏ هذا من أحاديث الأحكام وضعفه شديد فسكوت المصنف عليه غير سديد قال الحافظ الذهبي في التنقيح‏:‏ أبو شيبة واه ويزيد ضعيف اهـ وقال الحافظ ابن حجر عن النيسابوري‏:‏ حديث منكر وخطأ الدارقطني رفعه ونقل ابن عدي وابن الجوزي عن أحمد أنه ليس في الضحك حديث صحيح وقال الذهبي‏:‏ لم يثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في الضحك خبر وقد استوفى البيهقي الكلام عليه في الخلافيات وجمع فيه الخليلي جزءاً مفرداً‏.‏

5234 - ‏(‏الضرار‏)‏ أي المضاررة ‏(‏في الوصية من الكبائر‏)‏ في الفردوس‏:‏ الضرار إدخال الضرر على الشيء والنقص فيه ومعناه أن الموصي إذا أوصى بأكثر من ثلث ماله فقد ضار الورثة ونقص حقهم ‏[‏ أو قصد حرمان الورثة دون التقرب إلى اللّه أو أقر بدين لا أصل له واستدل به من قال بحرمة الوصية بما زاد على الثلث‏.‏‏]‏

ويجوز أن يكون ضار نفسه بتجاوز الحد المندوب إليه ومخالفته قول الشارع‏.‏

- ‏(‏ابن جرير‏)‏ الإمام المجتهد ‏(‏وابن أبي حاتم‏)‏ عبد الرحمن الحافظ ‏(‏في التفسير‏)‏ ‏[‏ص 260‏]‏ للقرآن ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ورواه عنه أيضاً الطبراني والديلمي‏.‏

5235 - ‏(‏الضمة في القبر كفارة لكل مؤمن لكل ذنب بقي عليه لم يغفر له‏)‏ ظاهره يشمل حتى الكبائر وليس في القبر عذاب إلا الضمة وهذا يعارض خبر أكثر عذاب القبر من البول وعامة عذاب القبر من البول وقد يقال ‏(‏الرافعي في تاريخه‏)‏ إمام الدين القزويني ‏(‏عن معاذ‏)‏ بن جبل‏.‏

5236 - ‏(‏الضيافة ثلاثة أيام‏)‏ يعني إذا نزل به ضيف فحقه أن يضيفه ثلاثة أيام بلياليها يتحفه في الأول ويقدم له في الأخيرين ما حضر ‏(‏فما كان وراء ذلك‏)‏ أي فإذا مضت الثلاثة فقد قضى حقه فإن زاد عليها فما يقدمه له ‏(‏فهو صدقة‏)‏ عليه لا يقال قضية جعله ما زاد على الثلاثة صدقة أن ما قبلها واجب لأنا نقول إنما سماه صدقة للتنفير عنه إذ كثير من الناس سيما الأغنياء يأنفون من أكل الصدقة‏.‏

- ‏(‏خ عن أبي شريح حم د عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

5237 - ‏(‏الضيافة ثلاثة أيام فما زاد فهو صدقة‏)‏ فيه عموم يشمل الغني والفقير والمسلم والكافر والبر والفاجر وأما خبر لا يأكل طعامك إلا تقي فالمراد غير الضيافة مما هو أعلى في الإكرام من مؤاكلتك معه وإتحافك إياه بالظرف واللطف وإذا كان الكافر يرعى حق جواره فالمسلم الفاسق أولى بالرعاية‏.‏

- ‏(‏حم ع عن أبي سعيد‏)‏ الخدري ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏طس عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه رشد بن كريب وهو ضعيف وظاهر صنيع المصنف أن ذا لا يوجد مخرجاً في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد ذكره الحافظ العراقي باللفظ المذكور وقال‏:‏ إنه متفق عليه من حديث أبي شريح الخزاعي‏.‏

5238 - ‏(‏الضيافة ثلاثة أيام‏)‏ بما حضر من الطعام وجرت به عادة بغير كلفة ولا إضرار بممونه إلا إن رضوا وهم بالغون عاقلون ‏(‏فما زاد‏)‏ عليها ‏(‏فهو صدقة‏)‏ إن شاء فعل وإن شاء ترك ‏(‏وكل معروف صدقة‏)‏ أي يثاب عليه ثواب الصدقة أما لو لم يجد فاضلاً عن ممونه فلا ضيافة عليه بل ليس له ذلك وأما خبر الأنصاري المشهور الذي أثنى اللّه ورسوله عليه وعلى امرأته بإيثارهما الضيف على أنفسهما وصبيانهما حيث نوّمتهم أمهم بأمره حتى أكل الضيف فأجيب عما اقتضاه ظاهره من تقديمها ما يحتاجه الصبيان بأن الضيافة لتأكدها والاختلاف في وجوبها مقدمة وبأن الصبيان لم تشتد حاجتهم للأكل وإنما خافا أن الطعام لو قدم للضيف وهم مستيقظون لم يصبروا على الأكل منه وإن لم يكونوا جياعاً‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات‏.‏

5239 - ‏(‏الضيافة ثلاث ليال حق لازم‏)‏ أي الواجب ‏(‏فما سوى ذلك فهو صدقة‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ معناه أنه يحتفل له في اليوم الأول ويقدم له ما حضر في الثاني والثالث وهو فيما وراء ذلك متبرع إن فعل فحسن وإلا فلا بأس اهـ‏.‏ وأخذ بظاهره ‏[‏ص 261‏]‏ أحمد فأوجبها وحمله الجمهور على أن ذلك كان في صدر الإسلام ثم نسخ أو أن الكلام في أهل الذمة المشروط عليهم ضيافة المارة أو في المضطرين أو مخصوص بالعمال المبعوثين لقبض الزكاة من جهة الإمام فكان على المبعوث إليهم إنزالهم في مقابلة عملهم‏.‏ قال الخطابي‏:‏ وهذا كان في ذلك الزمن حيث لم يكن بيت مال فأما الآن فأرزاق العمال من بيت المال‏.‏

- ‏(‏الباوردي‏[‏ بفتح الموحدة وسكون الراء ودال مهملة نسبة إلى أبيور بلد بناحية خراسان وهو أبو محمد عبد اللّه بن محمد‏.‏‏]‏

وابن قانع طب والضياء عن الثلب‏)‏ بفتح المثلثة وسكون اللام ‏(‏بن ثعلبة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه من لم أعرفه وقال المنذري‏:‏ في إسناده نظر‏.‏

5240 - ‏(‏الضيافة ثلاثة أيام‏)‏ أي غير الأول وقيل به ‏(‏فما زاد فهو صدقة وعلى الضيف أن يتحول بعد ثلاثة أيام‏)‏ لئلا يضيق عليه بإقامته فتكون الصدقة على وجه المن والأذى قال في المطامح‏:‏ جعله ذلك حقاً واجباً معروفاً ومنع من إطالة المقام عنده حتى لا يحرجه إلا أن يكون عن طيب قلب وتراض‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر القرشي ‏(‏في‏)‏ كتاب قرى الضيف عن أبي هريرة‏.‏

5241 - ‏(‏الضيافة ثلاثة أيام فما كان فوق ذلك فهو معروف‏)‏ فيه وفيما قبله أن الضيافة ثلاث مراتب حق واجب أي لا بد منه في اتباع السنة، وتمام مستحب دون ذلك وصدقة كسائر الصدقات فالحق يوم وليلة والمستحب ثلاثة أيام‏.‏

- ‏(‏طب عن طارق بن أشيم‏)‏ الأشجعي والد أبي مالك سعد، يعد في الكوفيين، قال الهيثمي‏:‏ فيه من أعرفهم ورواه البزار عن ابن مسعود بلفظ الضيافة ثلاثة أيام فما زاد فهو صدقة وكل معروف صدقة قال المنذري‏:‏ رواته ثقات‏.‏

5242 - ‏(‏الضيافة على أهل الوبر‏)‏ سكان الخيام والبوادي لأن بيوتهم يتخذونها من وبر الإبل ‏(‏وليست على أهل المدر‏)‏ سكان القرى والمدر جمع مدرة وهي اللبنة وبه أخذ مالك لتعذر ما يحتاجه المسافر في البادية وتيسر الضيافة على أهلها بخلاف أهل القرى والمدن لتعدد مواضع النزول وبيع الأطعمة ومذهب الشافعي أن المخاطب بها أهل البادية والحضر على السواء‏.‏

- ‏(‏القضاعي‏)‏ في مسند الشهاب ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ ابن الخطاب قال عبد الحق‏:‏ فيه إبراهيم بن عبيد اللّه بن أخي عبد الرزاق حدث بالمناكير اهـ‏.‏ وفي الميزان‏:‏ قال الدارقطني‏:‏ كذاب ومن مصائبه أحاديث هذا منها ثم قال‏:‏ ففيه أشياء من وضع هذا المدبر وقال ابن حبان‏:‏ يروي عن عبد الرزاق مقلوبات كثيرة لا يجوز الاحتجاج بها ومن ثم قال القاضي حسين‏:‏ إنه موضوع فمن شنع عليه فكأنه لم يقف على ما رأيت‏.‏

5243 - ‏(‏الضيف‏)‏ قال القاضي‏:‏ سمي ضيفاً لأنه مائل إلى ما نزل عليه والضيف الميل يقال ضاف السهم عن الهدف إذا مال عنه ‏(‏يأتي برزقه معه‏)‏ بمعنى حصول البركة عن المضيف ‏(‏ويرتحل بذنوب القوم‏)‏ الذين أضافوه ‏(‏يمحص عنهم ذنوبهم‏)‏ أي بسببه يمحص اللّه عنهم ذنوبهم قد تضمن هذا أو السبعة قبله الحث على الضيافة وتأكد شأنها وبيان عظيم مكانها من الإسلام لما فيها من عظيم الفوائد كالألفة والاجتماع وعدم التفرق والانقطاع إذ الناس إذا أكرم بعضهم بعضاً ائتلفت قلوبهم واتفقت كلمتهم وقويت شوكة الدين واندحضت جهالات الكفار والملحدين وغالب الناس إما ضيف ‏[‏ص 262‏]‏ أو مضيف فإذا أكرم بعضهم بعضاً حصل الصلاح والائتلاف وإذا أهان بعضهم بعضاً وجد الافتتان والخلاف‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏‏)‏ ابن حبان ‏(‏عن أبي الدرداء‏)‏ قال السخاوي‏:‏ سنده ضعيف وله شاهد‏.‏

*2* حرف الطاء‏.‏

5244 - ‏(‏طائر كل إنسان‏)‏ أي عمله يعني كتاب عمله يحمله ‏(‏في عنقه‏)‏ فسمي عمل الإنسان الذي يعاقب عليه طائراً وخص العنق لأن اللزوم فيه أشد قال في الفردوس‏:‏ طائر الإنسان ما كتبه اللّه من خير وشر فهو حظه الذي يلزم عنقه لا يفارقه من قولك طيرت المال بين القوم فطار لفلان كذا أي قرر له فصار له‏.‏

- ‏(‏ابن جرير‏)‏ الإمام المجتهد ‏(‏عن جابر‏)‏ ورواه أحمد والديلمي وفيه ابن لهيعة‏.‏

5245 - ‏(‏طاعة اللّه طاعة الوالد‏)‏ أي والوالدة وكأنه اكتفى به عنها من باب ‏{‏سرابيل تقيكم الحرَّ‏}‏ ‏(‏ومعصية اللّه معصية الوالد‏)‏ والوالدة والكلام في أصل لم يكن في رضاه أو سخطه ما يخالف الشرع وإلا فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولو أمر بطلاق زوجته قال جمع‏:‏ امتثل لخبر الترمذي عن ابن عمر قال‏:‏ كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني بطلاقها فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال‏:‏ طلقها قال ابن العربي في شرحه‏:‏ صح وثبت وأول من أمر ابنه بطلاق امرأته الخليل وكفى به أسوة وقدوة ومن بر الابن بأبيه أن يكره من كرهه وإن كان له محباً بيد أن ذلك إذا كان الأب من أهل الدين والصلاح يحب في اللّه ويبغض فيه ولم يكن ذا هوى قال‏:‏ فإن لم يكن كذلك استحب له فراقها لإرضائه ولم يجب عليه كما يجب في الحالة الأولى فإن طاعة الأب في الحق من طاعة اللّه وبرَّه من برِّه‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي‏:‏ رواه عنه شيخه أحمد بن إبراهيم بن هبة اللّه بن كيسان وهو لين عن إسماعيل بن عمرو البجيلي وثقه ابن حبان وغيره وضعفه أبو حاتم وغيره وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

5246 - ‏(‏طاعة الإمام‏)‏ الأعظم ‏(‏حق على المرء المسلم‏)‏ وإن جار ‏(‏ما لم يأمر بمعصية اللّه فإذا أمر بمعصية اللّه فلا طاعة له‏)‏ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وخص المسلم لأنه الأحق بالتزام هذا الحق وإلا فكل ملتزم للأحكام كذلك، وفيه أن الإمام إذا أمر بمندوب يجب طاعته فيه فيصير المندوب واجباً كما إذا أمرهم بثلاثة أيام في الاستسقاء فإنه يلزمهم الصوم ظاهراً وباطناً بل ذكر بعض الشافعية أنه إذا أمر بصدقة أو عتق يجب‏.‏

- ‏(‏هب عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

5247 - ‏(‏طاعة النساء‏)‏ في كل ما هو من وظائف الرجال كالأمور المهمة ‏(‏ندامة‏)‏ أي غم لازم لما يترتب عليها من سوء الآثار وقيل‏:‏ من أطاع عرسه لم يرفع نفسه وقال الحكماء‏:‏ من أراد أن يقوى على طلب الحكمة فليكف عن تمليك النساء نفسه لا ضرر أضر من الجهل ولا شر أشرّ من النساء قال إمام الحرمين‏:‏ لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت إلا أم سلمة في صلح الحديبية انتهى‏.‏ واستدرك عليه ابنة شعيب في أمر موسى فالحديث غالبي‏.‏

- ‏(‏عق‏)‏ عن المطلب بن شعيب عن عبد اللّه بن صالح عن عمرو بن هاشم عن محمد بن سليمان بن أبي كريمة هن هشام عن عروة عن عائشة ‏[‏ص 263‏]‏ ثم قال مخرجه العقيلي‏:‏ محمد بن سليمان حدث عن هشام ببواطيل لا أصل لها منها هذا الخبر وقال ابن عدي‏:‏ ما حدث بهذا الحديث عن هشام إلا ضعيف انتهى‏.‏ ومن ثم قال ابن الجوزي‏:‏ موضوع ‏(‏والقضاعي‏)‏ في مسند الشهاب ‏(‏وابن عساكر‏)‏ في تاريخه وكذا ابن لال والديلمي كلهم عن هشام بن عروة عن أبيه ‏(‏عن عائشة‏)‏ وفي الميزان‏:‏ فيه محمد بن سليمان ضعفه أبو حاتم‏.‏

5248 - ‏(‏طاعة المرأة ندامة‏)‏ لنقصان عقلها ودينها والناقص لا ينبغي طاعته إلا فيما أمنت عائلته وهان أمره فإن أكثر ما يفسد الملك والدول طاعة النساء‏.‏ ولهذا قال عمر فيما رواه العسكري‏:‏ خالفوا النساء فإن في خلافهنِّ البركة ‏[‏وقول عمر رضي الله عنه هو في كل ما هو من وظائف الرجال كالأمور المهمة، كما مر في شرح الحديث 5247‏.‏ ولا يؤخذ منه مخالفتهن على إطلاقها فذلك خلاف العقل والحكمة، وإنما يفهم منه عدم التحرز من مخالفتهن إذا رأى الرجل خطأهن، فإن في مخالفتهن حينئذ البركة‏.‏ ومردّ ذلك شدة ضعف الرجال من قبيل النساء، وسهولة ذهاب لب العاقل بسببهن، فنبهوا في هذا الحديث وأمثاله إلى ذلك الضعف، كما نبهوا مثلا في القرآن وفي أحاديث أخرى إلى فتنة المال والبنين‏.‏

أما موافقتهن في أمور الخير، ومشاورة المرأة الصالحة، فلا ندامة في أمثالها‏.‏ دار الحديث‏]‏

وأما ما اشتهر على الألسنة من خبر شاوروهنَّ وخالفوهنَّ فلا أصل له‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ من حديث عثمان بن عبد الرحمن الطوائفي عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن أم سعيد ابنة زيد بن ثابت ‏(‏عن زيد بن ثابت‏)‏ قال ابن عدي‏:‏ وعثمان وعنبسة ليسا بشيء وعثمان لا يحتج به وتعقبه المؤلف بأن له شاهداً وهو ما أخرجه العسكري في الأمثال عن عمر قال‏:‏ خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة‏.‏

5249 - ‏(‏طالب العلم تبسط له الملائكة‏)‏ أي الكرام الكاتبين أو أعم ‏(‏أجنحتها رضاً بما يطلب‏)‏ يعني إنما تنظر إليه بعين البهاء والجلال فتستشعر في أنفسها تعظيمه وتوقيره وجعل وضع الجناح مثلاً لذلك يعني أنها تفعل له نحو مما يفعل مع الأنبياء ولأن العلماء ورثنهم ذكره الحليمي‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أنس‏)‏ ورواه الطيالسي والبزار والديلمي‏.‏

5250 - ‏(‏طالب العلم بين الجهال كالحيّ بين الأموات‏)‏ أي هو بمنزلته بينهم فإنهم لا يفهمون ولا يعقلون كالأموات ‏{‏إن هم إلا كالأنعام‏}‏‏.‏

- ‏(‏العسكري‏)‏ علي بن سعيد ‏(‏في الصحابة وأبو موسى في الذيل‏)‏ كلاهما من طريق أبي عاصم الحبيطي ‏(‏عن حسان بن أبي سنان‏)‏ بمهملة ثم نون مخففة ‏(‏مرسلاً‏)‏ وهو البصري أحد زهاد التابعين مشهور ذكره ابن حبان في الثقات وقال‏:‏ يروي الحكايات ولا أعرف له حديثاً مسنداً‏.‏ قال في الإصابة‏:‏ قلت أدركه جعفر بن سليمان الضبعي وهو من صغار أتباع التابعين‏.‏

5251 - ‏(‏طالب العلم أفضل عند اللّه من المجاهد في سبيل اللّه‏)‏ لأن المجاهد يقاتل قوماً مخصوصين في قطر مخصوص، والعالم حجة اللّه على المنازع والمعارض في سائر الأقطار، وبيده سلاح العالم، يقاتل به كل معارض ويدفع به كل محارب، وذلك هو الجهاد الأكبر؛ وعدة العلم تغني عن محاربة المنازع، وسلاح العلم يخمد المحارب ويكبت المعاند ‏[‏ولأن السلاح وسيلة إلى قمع العدو لا غير، أما العلم فوسيلة إلى إقناعه ونفعه‏.‏ دار الحديث‏]‏

- ‏(‏فر عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

5252 - ‏(‏طالب العلم للّه‏)‏ عز وجل هكذا هو في رواية الديلمي وكأنه سقط من قلم المصنف سهواً ‏(‏كالغادي والرائح في سبيل اللّه عز وجل‏)‏ أي في قتال أعدائه بقصد إعلاء كلمته فهو يساويه في الفضل ويزيد عليه لما تقرر فيما قبله‏.‏

- ‏(‏فر عن عمار‏)‏ بن ياسر ‏(‏وأنس‏)‏ بن مالك ورواه عنهما أبو نعيم أيضاً وعنه تلقاه الديلمي مصرحاً فلو عزاه إلى الأصل لكان أولى‏.‏

5253 - ‏(‏طالب العلم طالب الرحمة طالب العلم ركن الإسلام ويعطى أجره‏)‏ على طلبه ‏(‏مع النبيين‏)‏ لأنه وارثهم وخليفتهم ‏[‏ص 264‏]‏ فيكون ثوابه من جنس ثوابهم وإن اختلف المقدار والمراد العلم باللّه وصفاته ومعرفة ما يجب له وما يستحيل عليه وذلك أشرف العلوم فإن العلم يشرف بشرف معلومه‏.‏ ‏[‏ومثله‏:‏ العلم بالحلال والحرام وتعليمه، إذ هو ما بعث به المرسلون‏.‏ دار الحديث‏]‏

- ‏(‏فر عن أنس‏)‏ ورواه عنه الميداني أيضاً‏.‏

5254 - ‏(‏طبقات أمّتي خمس طبقات كل طبقة منها أربعون سنة فطبقتي وطبقة أصحابي أهل العلم والإيمان‏)‏ أي هم أرباب القلوب وأصحاب المكاشفات والمشاهدات لأن العلم بالشيء لا يقع إلا بعد كشف المعلوم وظهوره للقلب كما أن الرؤية للبصر لا تقع إلا بعد ارتفاع الموانع والسواتر بينه وبين المرئي واليقين شهود الفوائد للشيء المعلوم فقد يكون العلم بالشيء وتقع فيه الشكوك إذا بعد عن شهود القلب كبعد المرئي عن البصر وذلك ليس بعلم حقيقي ولا مرئي فالعلم صفة للقلب السليم والسليم هو الذي ليس له إلى الخلق نظر ولا للشيء عنده خطر ولا للدنيا فيه أثر ‏(‏والذين يلونهم إلى الثمانين أهل البر والتقوى‏)‏ أي هم أرباب النفوس والمكابدات فالبر صدق المعاملة للّه والتقوى حسن المجاهدة للّه فكأنه وصفهم بأنهم أصحاب المجاهدات قد سخوا بالنفوس فبذلوها وأتعبوها بالخدمة لكن لم يبلغوا درجة الأولين في مشاهدات القلوب ‏(‏والذين يلونهم إلى العشرين ومئة أهل التراحم والتواصل‏)‏ تكرموا بالدنيا فبذلوها للخلق ولم يبلغوا الدرجة الثانية في بذل النفوس ‏(‏والذين يلونهم إلى الستين ومئة أهل التقاطع والتدابر‏)‏ أي هم أهل تنازع وتجاذب فأدّاهم ذلك إلى أن صاروا أهل تقاطع وتدابر ‏(‏والذين يلونهم إلى المائتين أهل الهرج والحروب‏)‏ أي يقتل بعضهم بعضاً ويتهارجون ضناً بالدنيا، والولد حينئذ ينفر من أبيه ولا يعاطفه بل يقاتله فتربية جرو يحرسك خير من تربية ولد ينهشك، والحاصل أنه وصف طبقته بأنهم أرباب القلوب والمكاشفات والثانية بأنهم المجاهدون لنفوسهم والثالثة بأنهم أهل بذل وسخاء وشفقة ووفاء والرابعة بأنهم أهل تجاذب ومنازع والخامسة بأنهم أهل شر وحرب‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أنس‏)‏ كلام المصنف كالصريح في أنه لم يره مخرجاً لأحد من الستة وإلا لما أبعد النجعة عادلاً عنه وهو عجيب فقد خرَّجه ابن ماجه باللفظ المزبور وعزاه له الديلمي وغيره ورواه أيضاً العقيلي وغيره كلهم بأسانيد واهية فقد أورد الحافظ ابن حجر في عشارياته‏:‏ حديث أنس هذا من طريقين وقال‏:‏ حديث ضعيف فيه عباد ويزيد الرقاشي ضعيفان وله شواهد كلها ضعاف منها أن علي بن حجر رواه عن إبراهيم بن مظهر الفهري وليس بعمدة عن أبي المليح بن أسامة الهذلي عن أبيه ومنها ما رواه يحيى بن عتبة القرشي وهو تالف عن الثوري عن محمد بن المنكدر عن ابن عباس بنحوه قال‏:‏ وإنما أوردته لأن له متابعاً ولكونه من إحدى السنن‏.‏

5255 - ‏(‏طعام الاثنين كافي الثلاثة وطعام الثلاثة كافي الأربعة‏)‏ في أمالي ابن عبد السلام إن أريد به الإخبار عن الواقع فمشكل إذا طعام الاثنين لا يكفي إلا هما والجواب أنه خبر بمعنى الأمر أي أطعموا طعام الاثنين للثلاث أو هو تنبيه على أنه يقوت الأربعة وأخبرنا بذلك لئلا نجزع أو معناه طعام الاثنين إذا أكلا متفرقين كاف لثلاثة اجتمعوا وقال المهلب‏:‏ المراد من هذه الأحاديث الحث على المكارمة، والتقنع بالكفاية، وليس المراد الحصر في مقدار الكفاية بل المواساة‏.‏

- ‏(‏مالك ق ت‏)‏ في الأطعمة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

5256 - ‏(‏طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية‏)‏ قال ابن الأثير‏:‏ يعني شبع الواحد قوت الاثنين وشبع الاثنين قوت الأربعة وشبع الأربعة قوت الثمانية ومنه قول عمر عام الرمادة ‏"‏لقد هممت أن أنزل على أهل كل بيت مثل عددهم فإن الرجل لا يهلك على نصف بطنه اهـ‏.‏ واستنبط منه أن السلطان في المسغبة يفرق الفقراء على أهل السعة بقدر ما لا يحيق بهم‏.‏

- ‏(‏حم م ت ن عن عائشة‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

5257 - ‏(‏طعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية فاجتمعوا عليه ولا تفرقوا‏)‏ قال في البحر‏:‏ يجوز كونه بمعنى الغذاء والقوة لا في الشبع لأنه غير محمود بل فيه ضرر ومرض ويجوز كون المراد الندب إلى المواساة وأنه تعالى يجعل فيه البركة فالمعنى أن الذي يشبع الواحد يرد جوعة الاثنين وكذا الأربعة والثمانية فإنه يرد كلب الجوع وذلك فائدته وفيه حث على المواساة والمروءة وعدم الاستبداد وتجنب البخل والشح‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني بإسنادين ففي الرواية الأولى من لم أعرفه وفي الثانية أبو بكر الهذلي وهو ضعيف‏.‏

5258 - ‏(‏طعام السخي دواء‏)‏ في رواية شفاء ‏(‏وطعام الشحيح داء‏)‏ وفي رواية طعام البخيل داء وطعام الجواد شفاء لكونه يطعم الضيف مع ثقل وتفجر وعدم طيب نفس ولهذا قال الخواص‏:‏ إنه يظلم القلب فينبغي الإجابة إلى طعام السخي دون البخيل وفي الإحياء أن بخيلاً موسراً دعاه بعض جيرانه فقدم له طباهجة ببيض فأكثر منها فانتفخ بطنه وصار يتلوى، فقال له الطبيب‏:‏ تقيأ‏.‏ قال‏:‏ أتقيأ طباهجة‏!‏‏!‏ أموت ولا أتقيؤها‏.‏ فعلى من ابتلي بداء البخل أن يعالجه حتى يزول، ولعلاجه طريقان‏:‏ علمي وعملي قرَّرهما حجة الإسلام‏.‏

- ‏(‏خط في كتاب البخلاء‏)‏ أي فيما جاء في ذمّهم ‏(‏وأبو القاسم‏)‏ بن الحسين الفقيه الحنبلي ‏(‏الخرقي‏)‏ بكسر المعجمة وفتح الراء وآخره قاف نسبة إلى بيع الخرق والثياب ‏(‏في فوائده‏)‏ وكذا الحاكم والديلمي كلهم ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏ وقال الزين العراقي‏:‏ ورواه ابن عدي والدارقطني في غرائب مالك وأبو علي الصدفي في غرائبه وقال‏:‏ رجاله ثقات أئمة قال ابن القطان‏:‏ وإنهم لمشاهير ثقات إلا مقدام بن داود فإن أهل مصر تكلموا فيه اهـ‏.‏ لكن في الميزان ومختصره اللسان‏:‏ إنه حديث كذب وعزاه المصنف في الدرر كأصله لابن عدي عن ابن عمر وقال‏:‏ لا يثبت فيه ضعفاء ومجاهيل‏.‏

5259 - ‏(‏طعام المؤمنين في زمن الدجال‏)‏ أي في زمن ظهوره ‏(‏طعام الملائكة التسبيح والتقديس‏)‏ خبر مبتدأ محذوف أو بدل مما قبله أي يقوم لهم مقام الطعام في الغداء ‏(‏فمن كان منطقه يومئذ التسبيح والتقديس أذهب اللّه عنه الجوع‏)‏ أي والظمأ فكأنه اكتفاء به من قبيل ‏{‏سرابيل تقيكم الحرَّ‏}‏‏.‏

- ‏(‏ك عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وقال‏:‏ صحيح فقال الذهبي‏:‏ كلا إذ فيه سعيد بن سنان متهم تالف اهـ‏.‏

5260 - ‏(‏طعام أول يوم‏)‏ في الوليمة ‏(‏حق‏)‏ فتجب الإجابة له ‏(‏وطعام يوم الثاني سنة‏)‏ فلا تجب الإجابة له مطلقاً قطعاً بل هي سنة وقيل‏:‏ تجب إن لم يدع في اليوم الأول أو دعى وامتنع لعذر ودعى في الثاني ورجحه من الشافعية الأذرعي‏.‏ قال الطيبي‏:‏ يستحب للمرء إذا أحدث اللّه له نعمة أن يحدث له شكراً وطعام اليوم الثاني سنة لأنه قد يتخلف عن الأول ‏[‏ص 266‏]‏ بعض الأصدقاء فيجبر بالثاني تكملة للواجب وليس طعام الثالث إلا رياء وسمعة ‏(‏وطعام يوم الثالث سمعة ومن سمع سمع اللّه به‏)‏ فتكره الإجابة إليه تنزيهاً وقيل‏:‏ تحريماً وهذا الحديث قد عمل به الشافعية والحنابلة قال النووي‏:‏ إذا أولم ثلاثاً فالإجابة في اليوم الثالث مكروهة وفي الثاني لا تجب قطعاً ولا يكون ندبها فيه كندبها في اليوم الأول اهـ‏.‏ وتعدد الأوقات كتعدد الأيام وقال العمراني‏:‏ إنما تكره إذا كان المدعو في الثالث هو المدعو في الأول وكذا صوره الروياني ووجه بأن إطلاق كونه رياء يشعر بأن ذلك صنع المباهاة والفخر وإذا كثر الناس فدعى في كل يوم فرقة فلا مباهاة‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في النكاح ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ رمز المصنف لصحته وليس كما قال فقد ضعفه مخرجه الترمذي صريحاً وقال‏:‏ لم يرفعه إلا زياد بن عبد اللّه وهو ضعيف كثير المناكير والغرائب اهـ‏.‏ وتبعه عليه عبد الحق جازماً به وأعله ابن القطان بعلة أخرى وهي عطاء بن السائب فإنه مختلط وقال ابن حجر‏:‏ سماعه من عطاء بعد الاختلاط‏.‏

5261 - ‏(‏طعام يوم في العرس سنة وطعام يومين فضل وطعام ثلاثة أيام رياء وسمعة‏)‏ فيكره الإجابة إليه على ما مر تقريره لكن ذهب البخاري إلى المنع ‏[‏في الأصل‏:‏ ‏"‏ذهب البخاري إلى المنـ‏"‏، فصححناه ‏"‏ذهب البخاري إلى المنع‏"‏ حسب سياق النص‏.‏ دار الحديث‏]‏

وقال‏:‏ لم يجعل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم للوليمة وقتاً معيناً يختص به قال‏:‏ وهذا الحديث يعارضه حديث إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليجب ولم يخص ثلاثة أيام ولا غيرها قال‏:‏ وهذا أصح وقال ابن سيرين عن أبيه‏:‏ إنه لما بنى بأهله أولم سبعة أيام فدعى في ذلك أبيَّ بن كعب فأجابه وأصرح من ذلك في الرد ما خرجه أبو يعلى بسند قال ابن حجر في الفتح‏:‏ حسن عن أنس تزوج صفية وجعل عتقها صداقها وجعل الوليمة ثلاثة أيام اهـ‏.‏ حيث ما ذهب إليه البخاري ذهب المالكية قال‏:‏ عياض استحب أصحابنا لأهل السعة كون الوليمة أسبوعاً اهـ‏.‏ وحاول ابن حجر التوفيق بين مقالة البخاري وما جرى عليه أصحابنا الشافعية من الكراهة حيث قال‏:‏ إذا حملنا الأمر في كراهة الثالث على ما كان هناك رياء وسمعة ومباهاة كان الرابع وما بعده كذلك فيحمل ما وقع من السلف من الزيادة على اليومين عند الأمن من ذلك ونزول الكلام على حالين‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لصحته وليس كما ظن فقد قال الحافظ ابن حجر‏:‏ رواه الطبراني عن وحشي وابن عباس وسندهما ضعيف وقال الهيثمي‏:‏ فيه محمد بن عبد اللّه العرزمي وهو ضعيف وقال في موضع آخر‏:‏ طرقه كلها لا تخلو عن مقال لكن مجموعها يدل على أن للحديث أصلاً‏.‏

5262 - ‏(‏طعام بطعام وإناء بإناء‏)‏ قاله لما أهدت إليه زوجته زينب ـ أو أم سلمة أو صفية قال ابن حجر‏:‏ ولم يصب من ظنها حفصة ـ طعاماً في قصعة فجاءت عائشة فضربت بها فانكسرت وألقت ما فيها فقيل يا رسول اللّه ما كفارته فذكره قال ابن بطال‏:‏ احتج به الشافعي على أن من استهلك عرضاً أو حيواناً فعليه مثله ولا يقضى بقيمته إلا بفقد مثله وذهب مالك إلى القيمة مطلقاً وعنه ما كيل أو وزن فقيمته وإلا فمثله قال ابن حجر‏:‏ وما أطلقه عن الشافعي فيه نظر وإنما يحكم في الشيء بمثله إذا تشابهت أجزاؤه والقصعة متقومة لاختلاف أجزائها والجواب ما قال البيهقي أن القصعتين كانتا للمصطفى صلى اللّه عليه وسلم فعاقب الكاسرة بجعل المكسورة في بيتها واحتج به الحنفية بقولهم إذا تلفت العين المغصوبة بفعل الغاصب فزال اسمها ومعظم منافعها ملكها الغاصب وضمها ولا يخفى تكلفه‏.‏

- ‏(‏ت عن أنس‏)‏ بن مالك قال ابن حجر‏:‏ إسناده حسن‏.‏

‏[‏ص 267‏]‏ 5263 - ‏(‏طعام كطعامها وإناء كإنائها‏)‏ احتج بهذا الحديث العنبري لمذهبه أن جميع الأشياء إنما تضمن بالمثل فلو أتلف خشبة لزمه مثلها من جنسها وكذا الثوب وحكى عن أحمد وداود وأجيب بأنه ذكرها على وجه المعونة والإصلاح دون بث الحكم لأن القصعة والطعام ليس لهما معلوم وبأن هذا الطعام والإناء حملا من بيت أم سلمة والغالب أنه ملك النبي صلى اللّه عليه وسلم وله أن يحاكم في ملكه كيف شاء وفيه حسن خلق المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وإنصافه وجميل معاشرته وصبره على النساء‏.‏

- ‏(‏حم عن عائشة‏)‏ قالت‏:‏ ما رأيت صانع طعام مثل صفية صنعت طعاماً لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فبعثت به فأخذتني غيرة فكسرت الإناء فقلت‏:‏ ما كفارة ما صنعت فذكره فقال ابن حجر‏:‏ إسناده حسن‏.‏

5264 - ‏(‏طلب العلم فريضة على كل مسلم‏)‏ قد تباينت الأقوال وتناقضت الآراء وفي هذا العلم المفروض على نحو عشرين قولاً وكل فرقة تقيم الأدلة على علمها وكل لكل معارض وبعض لبعض مناقض وأجود ما قيل قول القاضي‏:‏ ما لا مندوحة عن تعلمه كمعرفة الصانع ونبوة رسله وكيفية الصلاة ونحوها فإن تعلمه فرض عين قال الغزالي في الإحياء‏:‏ المراد العلم باللّه وصفته التي تنشأ عنه المعارف القلبية وذلك لا يحصل من علم الكلام بل يكاد يكون حجاباً مانعاً منه وإنما يتوصل له بالمجاهدة فجاهد تشاهد ثم أطال في تقريره بما يشرح الصدور ويملأ القلب من النور‏.‏

- ‏(‏عد هب عن أنس‏)‏ بن مالك ‏(‏طس خط عن الحسين بن علي‏)‏ أمير المؤمنين قال الهيثمي‏:‏ وفيه عبد العزيز بن أبي ثابت ضعيف جداً ‏(‏طس عن ابن عباس‏)‏ قال‏:‏ وفيه عبد اللّه بن عبد العزيز بن أبي رواد ضعيف ‏(‏تمام‏)‏ في فوائده ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏طب عن ابن مسعود‏)‏ وفيه عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان القرشي عن حماد بن أبي سليمان وعثمان قال البخاري‏:‏ مجهول ولا يقبل من حديث حماد إلا ما رواه عنه القدماء كالثوري وشعبة ومن عداهم رووا عنه بعد الاختلاط ‏(‏خط عن علي‏)‏ أمير المؤمنين ‏(‏طس هب عن أبي سعيد‏)‏ سئل عنه النووي فقال‏:‏ ضعيف وإن كان معناه صحيحاً وقال ابن القطان‏:‏ لا يصح فيه شيء وأحسن ما فيه ضعيف وسكت عنه مغلطاي وقال المصنف‏:‏ جمعت له خمسين طريقاً وحكمت بصجته لغيره ولم أصحح حديثاً لم أسبق لتصحيحه سواه وقال السخاوي‏:‏ له شاهد عند أبي شاهين بسند رجاله ثقات عن أنس ورواه عنه نحو عشرين تابعياً‏.‏

5265 - ‏(‏طلب العلم فريضة على كل مسلم‏)‏ قال السهروردي‏:‏ اختلف في العلم الذي هو فريضة قيل هو علم الإخلاص ومعرفة آفات النفس وما يفسد العمل لأن الإخلاص مأمور به كما أن العمل مأمور به وخدع النفس وغرورها وشهواتها يخرب مباني الإخلاص فصير علمه فرضاً وقيل معرفة الخواطر وتفصيل عللها منشأ الفعل وذلك يفرق بين لمة الملك ولمة الشيطان وقيل علم نحو البيع والشراء وقيل علم التوحيد بالنظر والاستدلال والنقل علم الباطن وهو ما يزداد به العبد يقيناً وهو الذي يكتسب لصحبة الأولياء فهم وراث المصطفى صلى اللّه عليه وسلم قال الغزالي في المنهاج‏:‏ العلم المفروض في الجملة ثلاثة علم التوحيد وعلم السر وهو ما يتعلق بالقلب ومساعيه وعلم الشريعة والذي يتعين فرضه من علم التوحيد ما تعرف به أصول الدين وهو أن تعلم أن لك إلهاً قادراً عالماً حياً مريداً متكلماً سميعاً بصيراً لا شريك له متصفاً بصفات الكمال منزهاً عن دلالات الحدث متفرداً بالقدم وأن محمداً رسوله الصادق فيما جاء به، ومن علم السر معرفة مواجبه ومناهيه حتى يحصل لك الإخلاص والنية وسلامة العمل، ومن علم الشريعة كل ما وجب ‏[‏ص 268‏]‏ عليك معرفته لتؤديه وما فوق ذلك من العلوم الثلاثة فرض كفاية ‏(‏وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب‏)‏ يشعر بأن كل علم يختص باستعداد وله أهل فإذا وضعه في غير محله فقد ظلم فمثل معنى الظلم بتقليد أخس الحيوان بأنفس الجواهر لتهجين ذلك الوضع والتنفير عنه‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ في السنة عن هاشم بن عمار عن حفص بن سليمان عن كثير بن شطير عن ابن سيرين ‏(‏عن أنس‏)‏ قال المنذري‏:‏ سنده ضعيف وقال المناوي وغيره‏:‏ حفص بن سليمان ابن امرأة عاصم ثبت في القراءة لا في الحديث وقال البخاري‏:‏ تركوه وقال البيهقي‏:‏ متنه مشهور وطرقه كلها ضعيفة وقال البزار‏:‏ أسانيده واهية وقال السخاوي‏:‏ حفص ضعيف جداً بل اتهم بالكذب والوضع لكن له شاهد وقال ابن عبد البر‏:‏ روي من وجوه كلها معلولة لكن معناه صحيح لكن قال الزركشي في اللآلئ‏:‏ روي من طرق تبلغ رتبة الحسن وقال المصنف‏:‏ حديث حسن فقد قال المزني‏:‏ روي من طرق تبلغ رتبة الحسن وقال المصنف في الدرر‏:‏ في طرقه كلها مقال لكنه حسن‏.‏

5266 - ‏(‏طلب العلم فريضة على كل مسلم‏)‏ قال ابن عربي‏:‏ للعلم اطلاقات متباينة ويترتب على ذلك اختلاف الحد والحكم كلفظ العالم والعلماء ومن هنا اختلفوا في فهم هذا الحديث وتجاذبوا معناه فمن متكلم يحمل العلم على علم الكلام ويحتج لذلك بأنه العلم المتقدم رتبة لأنه علم التوحيد الذي هو المبنى ومن فقيه يحمله على علم الفقه إذ هو علم الحلال والحرام ويقول إن ذلك هو المتبادر من اطلاق العلم في عرف الشرع ومن مفسر ومن محدث وإمكان التوجيه لهما ظاهر ومن نحوي يحمله على علم العربية إذ الشريعة إنما تتلقى من الكتاب والسنة وقد قال اللّه تعالى ‏{‏وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم‏}‏ فلا بد من إتقان العربية علم البيان، والتحقيق حمله على ما يعم ذلك من علوم الشرع ‏(‏وإن طالب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر‏)‏ قال الحليمي‏:‏ يحتمل أن معنى استغفارهم له أن يكتب اللّه له بعدد كل من أنواع الحيوانات الأرضية استغفارة مستجابة وحكمته أن صلاح العالم منوط بالعالم إذ بالعلم يدري أن الطير لا يؤذى ولا يقتل إلا لآكله ولا يذبح ما لا يؤكل لحمه ولا يعذب طير ولا غيره بجوع ولا بظمأ ولا يجلس في حر ولا برد لا يطيقه وأن إقرار حيتان البحر في الماء إذا لم تكن إليها حاجة واجب وأنه لا يجوز التلهي بإخراجها من الماء والنظر إلى اضطرابها بالبر بغير قصد أكلها وإذا صيدت للأكل يجب الصبر عليها لتموت ولا يجوز فتحها بعصا أو حجر إلى غير ذلك اهـ‏.‏

- ‏(‏ابن عبد البر‏)‏ النهري ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏العلم عن أنس‏)‏ بن مالك ثم قال‏:‏ روي عن أنس من وجوه كثيرة كلها معلولة لا حجة في شيء منها‏.‏

5267 - ‏(‏طلب العلم فريضة على كل مسلم واللّه يحب إغاثة الملهوف‏)‏ أي المظلوم المستغيث أو المضطر المتحسر والخلق كلهم عيال اللّه وأحبهم إليه أنفعهم لعياله لا سيما عند مسيس الحاجة والاضطرار‏.‏

- ‏(‏هب وابن عبد البر‏)‏ في العلم ‏(‏عن أنس‏)‏ قال البيهقي‏:‏ متنه مشهور وإسناده ضعيف وقد روي من أوجه كثيرة كلها ضعيفة وسبقه الإمام أحمد فيما حكاه ابن الجوزي في العلل فقال‏:‏ لا يثبت عندنا في هذا الباب شيء وقال ابن راهويه‏:‏ لم يصح فيه شيء أما معناه فصحيح وفي الميزان هذا الخبر باطل‏.‏

5268 - ‏(‏طلب العلم‏)‏ الشرعي ‏(‏أفضل عند اللّه من الصلاة والصيام والجهاد والحج في سبيل اللّه عز وجل‏)‏ أي النوافل ‏[‏ص 269‏]‏ من المذكورات ولهذا قال الشافعي‏:‏ طلب العلم أفضل من صلاة النافلة قال الغزالي‏:‏ العالم سالك دائم السير إلى اللّه قائم أو نائم آكل أم شارب أم صائم انقبض أم انبسط يتساوى عنده التقابلات بحسب إضاءة نور العلم لإقامة أعلام الدين في سعة الجهات والأقطار ومتقابلات العوارض والأحوال‏.‏

- ‏(‏فر عن ابن عباس‏)‏ وفيه محمد بن تميم السعدي قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ قال ابن حبان‏:‏ كان يضع الحديث أكثر محمد بن كرام عنه الموضوعات وفيه أيضاً الحكم بن أبان المعدني قال الذهبي‏:‏ قال ابن المبارك‏:‏ ارم به ووثقه غيره‏.‏

5269 - ‏(‏طلب العلم ساعة خير من قيام ليلة‏)‏ أي من التهجد ليلة كاملة ‏(‏وطلب العلم يوماً خير من قيام ثلاثة أشهر‏)‏ هذا فيمن طلب علماً شرعياً ليعمل به كما علم مما مر آنفاً قال الغزالي‏:‏ لا بد للعبد من العلم والعمل لكن العلم أولى بالتقديم وأحرى بالتعظيم لأنه الأصل المرفوع والدليل المتبوع فيجب تقديمه لما أنه يجب أن يعرف المعبود ثم يعبده وكيف تعبد من لا تعرفه ولأنه يجب أن نعلم ما يلزمك فعله من الواجبات الشرعية على ما أمرت به ومدار ذلك كله على العبادات الباطنة التي هي مساعي القلب فيجب تعلمها من نحو توكل وتفويض ورضى وصبر وتوبة وإخلاص ونحو ذلك وأضدادها كسخط وأمل ورياء وكبرياء ليجتنب ذلك فإنها فرائض نص عليها في القرآن كما نص على الأمر بالصلاة والصوم فما بالك أقبلت على الصلاة والصوم وتركت هذه الفرائض والأمر بها من رب واحد، بل غفلت عنها فلا تعرف شيئاً منها بفتوى من أصبح يعالج حظه مشغوفاً حتى صير المعروف منكراً والمنكر معروفاً وممن أهمل العلوم التي سماها اللّه في كتابه نوراً وحكمة وهدى وأقبل على ما به يكتسب الحرام ويكون مصيدة للحطام أما تخاف أن يكون مضيعاً لشيء من هذه الواجبات بل لأكثرها وتشتغل بصلاة التطوع وصوم النفل فتكون في لا شيء‏.‏

- ‏(‏فر عن ابن عباس‏)‏ ورواه عنه أيضاً أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمي مصرحاً فلو عزاه المصنف للأصل كان أولى ثم إن فيه نهشل بن سعيد قال الذهبي‏:‏ قال ابن راهويه‏:‏ كان كذاباً ثم قال الديلمي‏:‏ وفي الباب أبيَّ بن كعب وجابر وحذيفة وسلمان وسمرة ومعاوية بن حيدة ونبيط بن شريط وأبو أيوب وأبو هريرة وعائشة أم المؤمنين بنت قدامة وأم هانىء وغيرهم‏.‏

5270 - ‏(‏طلب الحق غربة‏)‏ يعني إذا أردت استقامة الخلق للحق في هذه الدار لم تجد لك على ذلك ظهيراً بل تجد نفسك وحيداً في هذا الطريق لما تنازع وتكابد من دعاوي الخلق فيحسب هذه القواطع التي أقام اللّه بها حكمته تلحق الوحشة لسالك طريق الحق فكأنه غريب وما هو غريب‏.‏

تنبيه‏:‏ قال العارف أبو المواهب‏:‏ كلما رقى من له همة عالية إلى مركز عال وحضرة نفيسة من حضرات الكمال قلت أشكاله المعنوية انظر إلى أصحاب العقول الموجبة لكثرة المعقول لما تحققوا دققوا فعزت مدارك حقائقهم على العوام وجلت نفائس دقائقهم على غالب الأفهام فلذلك أوجب لهم قلة الأصحاب والأتباع لغلبة الجهل على الطباع وللّه در بعض الحكماء حيث قال‏:‏

لكل امرئ شكل من الناس مثله * فأكثرهم شكلاً أقلهم عقلاً

وكل أناس آلفون بشكلهم * فأكثرهم عقلاً أقلهم شكلاً

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه مسلسلاً بالصوفية ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين ورواه أيضاً من هذا الوجه الديلمي والهروي في ذمّ الكلام ومنازل السائرين وفي الميزان علان بن زيد الصوفي لعله واضع هذا الحديث‏.‏

‏[‏ص 270‏]‏ 5271 - ‏(‏طلب الحلال‏)‏ لفظ رواية البيهقي في سننه والديلمي في فردوسه طلب كسب الحلال ‏(‏فريضة بعد الفريضة‏)‏ أي بعد المكتوبات الخمس كما أشار إليه الغزالي أو بعد أركان الإسلام الخمسة المعروفة عند أهل الشرع أو المراد فريضته متعاقبة يتلو بعضها لبعض أي لا غاية لها ولا نهاية لأن طلب كسب الحلال أصل الورع وأساس التقوى وروى النووي في بستانه عن خلف بن تميم قال‏:‏ رأيت إبراهيم بن أدهم بالشام قلت‏:‏ ما أقدمك قال‏:‏ لم أقهر لجهاد ولا لرباط بل لأشبع من خبز حلال‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الديلمي ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عباد بن كثير الثقفي وهو متروك وقال البيهقي عقب روايته‏:‏ تفرد به عباد وهو ضعيف وفي الميزان عن أبي زرعة وغيره‏:‏ ضعيف وعن الحاكم روى عن الثوري أحاديث موضوعة وهو صاحب حديث طلب الحلال فريضة بعد الفريضة‏.‏ إلى هنا كلامه‏.‏

5272 - ‏(‏طلب الحلال واجب على كل مسلم‏)‏ يحتمل أن المراد طلب معرفة الحلال من الحرام والتمييز بينهما في الأحكام وهو علم الفقه ويحتمل أن المراد طلب الكسب الحلال للقيام بمؤونة من تلزمه مؤونته والاجتهاد في المباعدة عن الحرام والقنع بالحلال فإنه ممكن بل سهل فإذا قنعت في السنة بقميص خشن وفي اليوم بخبز الخشكار وتركت التلذذ بأطايب الأدم لم يعوزك من الحلال ما يكفيك فالحلال كثير وليس عليك أن تتيقن باطن الأمور بل أن تحترز مما تعلم أنه حرام وتظن أنه حرام ظناً مع ما حصل من علامة ناجزة مقروناً بالمال ذكره الغزالي‏.‏

- ‏(‏فر عن أنس‏)‏ بن مالك وفيه بقية وقد مر غير مرة وجرير بن حازم أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ تغير قبل موته والزبير بن خريق قال الدارقطني‏:‏ غير قوي ورواه عنه أيضاً الطبراني في الأوسط باللفظ المزبور قال الهيثمي‏:‏ وإسناده حسن‏.‏

5273 - ‏(‏طلب الحلال‏)‏ فيه الاحتمالات المذكورات ‏(‏جهاد‏)‏ أي بمنزلة الجهاد في حصول الثواب عليه لأنه جاهد نفسه في تحري الحلال مع عزته وترك الحرام مع كثرته ومكابدة دقيق النظر في التخلي عن الشبهات والكف عن كثير من المباح بالورع خوفاً من الجناح وهو الجهاد الأكبر كما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم في الحديث الآخر إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها إلا الهم في طلب الحلال‏.‏

- ‏(‏القضاعي‏)‏ في مسند الشهاب ‏(‏عن ابن عباس حل عن ابن عمر‏)‏ ابن الخطاب ورواه عنه أيضاً الديلمي وفيه محمد بن مروان السدي الصغير قال في الميزان‏:‏ تركوه واتهم بالكذب ثم أورد له أخباراً منها حديث ابن عمر هذا وقال‏:‏ قال ابن عدي الضعف على روايته بين‏.‏

5274 - ‏(‏طلحة شهيد يمشي على وجه الأرض‏)‏ أي حكمه حكم من ذاق الموت في سبيل اللّه لأنه جعل نفسه يوم أحد وقاية للنبي صلى اللّه عليه وسلم من الكفار وطابت نفسه لكونه فداه وقد رأى الأمر عياناً وأصيب يومئذ ببضع وثمانين طعنة وضربة وعقر في سائر جسده حتى في ذكره وفر عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كل أحد إلا هو فثبت معه وكانوا إذا ذكروا يوم أحد قالوا كان كله لطلحة وهو أحد العشرة المبشرة وأحد الثمانية السابقة إلى الإسلام وأحد الستة أصحاب الشورى في الخلافة بعد عمر وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد الصديق سماه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم طلحة الفياض وطلحة الجود لكونه غاية فيه باع أرضاً بسبع مئة ألف فلم يقم حتى فرقها على الفقراء وجاءه رحم له فشكى فأعطاه ثلاث مئة وكان يرسل لعائشة كل سنة عشرة آلاف وتصدق في يوم بمئة ألف ولم يجد ثوباً يصلي فيه ذلك اليوم‏.‏

- ‏(‏ه عن جابر‏)‏ بن عبد اللًه ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أبي هريرة وأبي سعيد‏)‏ معاً ‏[‏ص 271‏]‏ ورواه الديلمي عن جابر‏.‏

5275 - ‏(‏طلحة ممن قضى نحبه‏)‏ أي نذره فيما عاهد اللّه عليه من الصدق في مواطن القتال ونصرة الرسول صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم وعلى الموت وإن بذلوا نفوسهم دونه فأخبر بأنه ممن وفى بنذره وأصل النحب النذر وكما يقال النحب للنذر يقال للموت أيضاً ويمكن إرادته هنا فيقال في توجيهه إنه بذل نفسه في سبيل اللّه وخاطر بها حتى لم يبق بينه وبين الهلك شيء فهو كمن قتل وذاق الموت في سبيل اللّه وإن كان حياً يمشي على وجه الأرض يقال قضى نحبه إذا مات بمعنى قضى أجله واستوفى مدته والنحب المدة ذكره القاضي‏.‏

- ‏(‏ت ه عن معاوية‏)‏ بن أبي سفيان ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لصحته‏.‏

5276 - ‏(‏طلحة والزبير جاراي في الجنة‏)‏ هو بضم الزاي أحد العشرة والشجعان المشتهرة كعلي وحمزة لم يلحقه في الشجاعة أحد وكان يوم بدر بعمامة صفراء فنزلت الملائكة بعمائم صفر وفتح اليرموك فكانت له فيه اليد البيضاء اخترق صفوف الروم من أولهم لآخرهم مرتين وكان له ألف عبد يؤدون الخراج فيتصدق به ولا يقوم منه بدرهم خرج على عليّ يوم الجمل فذكره علي بقول النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد قال‏:‏ إني أحبه أما واللّه لتقاتلنه وأنت ظالم له فتذكر فانصرف فقتل بوادي السباع بالبصرة وجاء قاتله بشر علياً فبشره بالنار وكان له أربع نسوة فأصاب كل واحدة منهن ألف ألف ومائتي ألف‏.‏

- ‏(‏ت ك‏)‏ في المناقب ‏(‏عن علي‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح فرده الذهبي فقال‏:‏ لا اهـ‏.‏ وذلك أن فيه عقبة بن علقمة تابعي قال أبو حاتم‏:‏ ضعيف‏.‏

5277 - ‏(‏طلوع الفجر أمان لأمتي من طلوع الشمس من مغربها‏)‏ فما دام يطلع فالشمس لا تطلع إلا من مشرقها فإذا لم يطلع طلعت ذلك اليوم من المغرب فإن الفجر هو مبادئ شعاعها عند قربها من الأفق‏.‏

- ‏(‏فر عن ابن عباس‏)‏ وهو ضعيف‏.‏

5278 - ‏(‏طهروا هذه الأجساد طهركم اللّه فإنه ليس عبد يبيت طاهراً إلا وبات معه ملك في شعاره‏)‏ بكسر الشين المعجمة ثوبه الذي بلى جسده ‏(‏لا ينقلب ساعة من الليل إلا قال‏)‏ أي الملك ‏(‏اللهم اغفر لعبدك‏)‏ هذا ‏(‏فإنه بات طاهراً‏)‏ والطهارة عند النوم قسمان طهارة الظاهر وهي معروفة وطهارة الباطن وهي بالتوبة وهي آكد من الظاهرة فربما مات في نومه وهو متلوث بأوساخ الذنوب فيتعين عليه التوبة وأن يزيل من قلبه كل شيء وحقد ومكروه لكل مسلم‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وأبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ والديلمي ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ أرجو أنه حسن الإسناد‏.‏

5279 - ‏(‏طهروا أفنيتكم فإن اليهود لا تطهر أفنيتها‏)‏ جمع فناء وهو المتسع أمام الدار ونبه بالأمر بطهارة الأفنية الظاهرة على طهارة الأفنية الباطنة وهي القلوب والأرواح‏.‏

تنبيه‏:‏ قال القونوي‏:‏ الطهارة والنجاسة من حيث مظاهرهما التي هي المحال الموصوفة بهما ومن حيث مراتبهما وأحكام مراتبهما أنواع أما الطهارة فتحصل من أنواع الجمع الوجداني والإطلاق عن كل تقييد يقضي بالحصر وبالعلم المحقق والتوحيد الشهودي والخلو باطناً عما سوى الحق وعما سوى ما يحبه سبحانه ويرضاه وأول درجاتها المشروعة المختصة بالقلوب والأرواح الإيمان والتوحيد الاستحضاري ولوازمهما وأعلى مراتب ‏[‏ص 272‏]‏ الطهارة التي يتحلى بها الإنسان دوام التحقق بمعرفة الحق وشهوده بالتجلي الذاتي الذي لا حجاب معه ولا مستقر للكل دونه وباقي أنواعها ودرجاتها تتعين بين هذين الطرفين وأما أنواع النجاسة التي يتطلب التطهير منها والتحرز بعد التطهير من التلويث بها وانصباغ المحل بأحكامها فإنها تطهر من الجهل والشرك وأحكام القيود القاضية بالحصر في عقيدة مخصوصة ناشئة من التأويلات والآراء الفاسدة والعوائد الرديئة والشهوات القاهرة وكل واحدة من الطهارة والنجاسة تنقسم من حيث المحال الموصوفة بها ثلاثة أقسام قسم ظاهر وقسم باطن مشترك فرتبة الطهارة الباطنة تختص بعالم الأرواح والنفوس الزكية والصفات المضافة إليها من حيث ذواتها وما يصحبها من لطائف الصور التي كانت تدبرها‏.‏

- ‏(‏طب عن سعد‏)‏ بن أبي وقاص وقال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح خلا شيخ الطبراني‏.‏

5280 - ‏(‏طهور إناء أحدكم‏)‏ بضم الطاء على المشهور ذكره النووي وتعقبه ابن العراقي بأنه فهم أن المراد هنا الفعل ولا كذلك وإنما المراد به المطهر فهو بفتح الطاء على الأشهر قال في شرح الإلمام‏:‏ هنا الطهور بالفتح المطهر وبالضم الفعل ‏(‏إذا ولغ فيه الكلب‏)‏ ولو كلب صيد وفي رواية للبخاري كالموطأ بدله شرب والمشهور المعروف لغة ولغ يقال ولغ يلغ إذا شرب بطرف لسانه وقيل أن يدخل لسانه في الماء فيحركه زاد ابن درستويه شرب أو لم يشرب وزعم ابن عبد البر أن شرب لم يروه إلا مالك وليس كما قال واللفظان متقاربان لكن الشرب أخص فلا يقوم مقامه ومفهوم الشرط في إذا ولغ يقتضي قصر الحكم عليه لكن إذا قلنا إن الأمر بالغسل للتنجيس فيتعدى الحكم إلى ما إذا لحس أو لعق ويكون الولوغ غالباً ويلحق به بقية أعضائه لأن فمه أشرفها غالباً فالباء في بالأولى وأفهم ذكر الإناء إخراج الماء المستنقع وبه قال الأذرعي‏:‏ لكن إذا قلنا الغسل للتنجيس يجري الحكم في قليل الماء دون كثيره ‏(‏أن يغسله‏)‏ بماء طهور ‏(‏سبع مرات أولاهن بالتراب‏)‏ كذا للأكثر وفي رواية إحداهن وطريق الجمع أن يقال إحداهن مبهمة وأولاهن معينة فإن كانت في نفس الخبر فللتخيير فمقتضى حمل المطلق على المقيد حمله على إحداهن لأن فيه زيادة على الرواية المعينة ونص عليه في الأم والبويطي وصرح به المرعشي وغيره وغفل عنه من بحثه كالسبكي وإن كانت شكا من الراوي فرواية من عين ولم يشك أولى ممن أبهم أو شك فيبقى النظر في الترجيح بين أولاهن والتابعة وأولاهن أرجح من حيث الأكثرية والأحوطية ومن حيث المعنى لأن تتريب الأخيرة يحتاج إلى غسلة أخرى للتنظيف وقد نص الشافعي في حرمله على أن الأولى أولى واللّه أعلم وقد أخذ بهذا الحديث الشافعية وخالفهم الحنفية فلم يوجبوا التسبيع ولا التعفير لكون راويه أفتى بتثليث غسله قلنا مذهب الراوي غير حجة فإن قيل الأخذ بالسبع ترجيح لأنه ورد ثلاث وخمس قلنا الورود ممنوع وبفرضه لم يصح بشروطه أو منسوخ لتأخر التشديدات أو الغسلات أو مذهب الراوي والمالكية أوجبوا التسبيع تعبداً بغير التتريب لطهارة الكلب عندهم والكلام على هذا الحديث أفرد بالتأليف لانتشاره جداً احتج به الشافعي على نجاسة الكلب لأن الطهارة إنما تكون عن حدث أو خبث ولا حدث على الإناء فتعين كونها للنجس وزعم أن الطهارة تكون من غيرهما كالتيمم منع بأن موجبه الحدث وإن لم يرفع فلا يقال إنه طهارة لا عن حدث‏.‏

- ‏(‏م د عن أبي هريرة‏)‏ لكنه خالفه فأمر بالغسل منه ثلاثاً فقط وذلك غير قادح في وجوب العمل به عند الأكثر وقيل إن مخالفة الراوي بمنع وجوب العمل لأنه إنما خالفه لدليل قلنا في ظنه وليس لغيره اتباعه لأن المجتهد لا يقلد مجتهداً‏.‏

5281 - ‏(‏طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل‏)‏ بالبناء للمفعول ‏(‏سبعاً الأولى بالتراب‏)‏ قال الطيبي‏:‏ طهور إناء أحدكم مبتدأ وإذا ظرف معمول للمصدر والخبر أن يغسل ‏(‏والهر مثل ذلك‏)‏ قال البيهقي كالدارقطني‏:‏ ‏[‏ص 273‏]‏ هذا في الكلب مرفوع وفي الهر موقوف ومن رفعه فقد غلط وقال بعض الحفاظ‏:‏ إن الهر مدرج وبفرض الرفع والصحة هو بالنسبة للهر متروك الظاهر عند الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأخذ بقضيته طاوس فكان يجعل الهر مثل الكلب يغسل سبعاً وعن أبي جريج قلنا لعطاء والهر قال‏:‏ هي بمنزلة الكلب أو أشر منه وعن مجاهد في الإناء يلغ فيه السنور قال‏:‏ اغسله سبع مرات‏.‏ <تنبيه>

ذهب أحمد إلى أنه يجب غسل جميع الأنجاس سبعاً تمسكاً بالأمر بالتسبيع في نحو هذه الأحاديث ولا يخفى ما فيه‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الطهارة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وقال‏:‏ صحيح على شرطهما وأقره الذهبي‏.‏

5282 - ‏(‏طهور كل أديم‏)‏ أي مطهر كل جلد ميتة وفي رواية طهور الأديم ‏(‏دباغه‏)‏ ففيه دليل على أن الطهور بمعنى المطهر وآية على فساد قول من قال لا يطهر جلد الميتة بالدبغ وخبر أم حكيم إن النبي صلى اللّه عليه وسلم كتب إلى جهينة لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب فيه إرسال وبعد التنزيل لا يحمل على ما قبل الدبغ جمعاً بين الأدلة وفيه إرشاد إلى استصلاح ما فيه نفع وصونه عن الضياع‏.‏

- ‏(‏أبو بكر في‏)‏ كتاب ‏(‏الغيلانيات عن عائشة‏)‏ قالت‏:‏ ماتت شاة لميمونة فقال لها رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم‏:‏ ألا استمتعتم بإهابها فقالت‏:‏ كيف نستمتع به وهي ميتة فذكره واقتصار المصنف على عزوه إليه يؤذن بأنه لا يعرف لأحد من المشاهير مع أن البيهقي خرجه عن عائشة باللفظ المذكور ثم قال وتبعه الذهبي‏:‏ رواته ثقات اهـ‏.‏ ورواه الدارقطني من عدة طرق ثم قال وتبعه الغرياني في مختصره‏:‏ إسناده حسن كلهم ثقات اهـ‏.‏ وقال الزين العراقي في شرح الترمذي‏:‏ طريقه صحيح‏.‏

5283 - ‏(‏طهور الطعام يزيد في الطعام والدين‏)‏ بكسر الدال ‏(‏والرزق‏)‏ قال الشارح‏:‏ لعل المراد الوضوء قبل الطعام وهو اللغوي اهـ‏.‏ وأقول المراد أن الطعام إذا كان حلالاً أورث البركة وأوجب مزيد الرزق المعنوي ووفور الحظ منه وأما الانصباغ بالطعام الحرام فيحدث في باطن المتغذى به في نفسه وأخلاقه وصفاته تلويثات هي من قسم النجاسات فهو وإن كان طاهراً صورة هو نجس معنى من حيث كونه حراماً وكذا يقال في الشراب وقد جاء في خبر دم على الطهارة يوسع عليك رزقك ومن أمعن النظر في شرح ذلك اطلع على جملة من أسرار الشريعة كالحلّ والحرمة والطهارة والنجاسة الظاهرتين والباطنتين وأسبابهما ومزيلاتهما وعرف كيفية التحرز بعد التحلي بالطهارة من التلوّث بما يشينها وعرف الطريق إلى استحلال الرزق المعنوي والحسي وسبب زيادتهما ونقصهما لا من جهة الكسب المعهود بل بما شرعه اللّه ونبه عليه رسوله وعرف التحليل والتحريم من الحق بواسطة رسوله صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم وأنه لمحض إشفاقه على عباده وأنه طب إلهي لقلوبهم وأرواحهم ونفوسهم وأخلاقهم وصفاتهم بل لصورهم أيضاً بطريق التبعية وعرف سرّ قوله عليه الصلاة والسلام من أخلص للّه أربعين يوماً ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏‏)‏ ابن حبان ‏(‏عن عبد اللّه بن جراد‏)‏ ورواه الديلمي أيضاً‏.‏

5284 - ‏(‏طواف سبع‏)‏ بالكعبة ‏(‏لا لغو فيه‏)‏ أي لا ينطق فيه الطائف بباطل ولا لغط وقيد بعدم اللغو لأن الطواف بمنزلة الصلاة إلا أن اللّه أحلّ فيه المنطق فمن نطق إلا بخير كما في الحديث الآخر ‏(‏يعل عتق رقبة‏)‏ أي ثوابه مثل ثواب العتق‏.‏

- ‏(‏عب عن عائشة‏)‏ ورواه عنها أيضاً الديلمي لكن بيض ولده لسنده‏.‏

‏[‏ص 274‏]‏ 5285 - ‏(‏طوافك‏)‏ بالكسر خطاباً لعائشة ‏(‏بالبيت‏)‏ الكعبة ‏(‏و‏)‏ سعيك ‏(‏بين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك‏)‏ فيه أن القارن لا يلزمه إلا ما يلزم المفرد وأنه يجزئه طواف واحد وسعي واحد لحجته وعمرته وبه قال مالك والشافعي وأحمد في رواية وقال أبو حنيفة عليه طوافان وسعيان‏.‏

- ‏(‏د عن عائشة‏)‏ ورواه عنها أيضاً أبو نعيم والديلمي‏.‏

5286 - ‏(‏طوبى‏)‏ تأنيث أطيب أي راحة وطيب عيش حاصل ‏(‏للشام‏)‏ قيل‏:‏ وما ذلك يا رسول اللّه قال‏:‏ ‏(‏لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها‏)‏ أي لأن ملائكة البليغ الرحمة الذي وسعت رحمته كل شيء تحفها وتحوطها بإنزال البركات ودفع المهالك والمؤذيات‏.‏

- ‏(‏حم ت ك عن زيد بن ثابت‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح‏.‏

5287 - ‏(‏طوبى للشام‏)‏ قال في الكشاف‏:‏ طوبى مصدر من طاب كزلفى وبشرى ومعنى ذلك أصيب طيباً وخيراً اهـ‏.‏ ‏(‏إن الرحمن لباسط رحمته عليه‏)‏ لفظ رواية الطبراني يده بدل رجمته‏.‏

- ‏(‏طب عنه‏)‏ أي عن زيد بن ثابت قال الهيثمي‏:‏ ورجاله أيضاً رجال الصحيح‏.‏

5288 - ‏(‏طوبى للغرباء‏)‏ قال الطيبي‏:‏ فعلى من الطيب قلبوا الياء واواً للضمة قبلها قيل معناه أصيبوا خيراً على الكتابة لأن إصابة الخير تستلزم طيب العيش فأطلق اللازم وأريد الملزوم قالوا‏:‏ يا رسول اللّه من هم قال‏:‏ ‏(‏أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم‏)‏ وفي رواية بدله من يبغضهم أكثر ممن يحبهم ومن ثم قال الثوري‏:‏ إذا رأيت العالم كثير الأصدقاء فاعلم أنه مخلط لأنه لو نطق بالحق لأبغضوه قال الغزالي‏:‏ وقد صار ما ارتضاه السلف من العلوم غريباً بل اندرس وما أكب الناس عليه فأكثره مبتدع وقد صار علوم أولئك غريبة بحيث يمقت ذاكرها ‏.‏

فائدة‏:‏ حكى في علم الاهتداء أنه مات فقير فلما جرّد للغسل وجد على عنقه بين الجلد واللحم مكتوباً طوبى لك يا غريب‏.‏

- ‏(‏حم عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال الهيثمي‏:‏ فيه ابن لهيعة وفيه ضعف اهـ ورواه الطبراني بأسانيد قال الهيثمي‏:‏ رجال أحدها رجال الصحيح‏.‏

5289 - ‏(‏طوبى للمخلصين‏)‏ الذين خلصوا أعمالهم من شوائب الأكدار ومحضوا عبادتهم للملك القهار قال راوي الحديث أبو نعيم عقبه‏:‏ وهم الواصلون للحبل والباذلون للفضل والحاكمون بالعدل ‏(‏أولئك مصابيح الهدى تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء‏)‏ لأنهم لما أخلصوا في المراقبة ونسيان الحظوظ كلها وقطعوا النظر والقصد عما سوى معبودهم لم يكن لغيره عليهم سلطان بل هم منه في حماية وأمان قال الغزالي‏:‏ عقبة الإخلاص عقبة كؤود لكن بها ينال المطلوب والمقصود نفعها كثير وقطعها شديد وخطرها عظيم كم من عدل عنها فضل ومن سلكها فزلّ ومن تائه فيها متحير وبناء أمر الآخرة كله عليها والأمر كله بيد اللّه قال‏:‏ والإخلاص إخلاصان إخلاص عمل وإخلاص طلب أجر فالأول إرادة التقرب إلى اللّه وتعظيم أمره وإجابة دعوته والباعث عليه الاعتقاد الصحيح وضده إخلاص النفاق وهو التقرب إلى من دون اللّه وقال إمام الحرمين‏:‏ النفاق هو الاعتقاد الفاسد الذي هو للمنافق في اللّه وليس هو من قبيل الإرادات والإخلاص في طلب الأجر إرادة نفع الآخرة بعمل الخير‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ من حديث عبد الحميد بن ثابت بن ثوبان حدثني ‏(‏عن‏)‏ جدي ‏(‏ثوبان‏)‏ مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ شهدت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مجلساً فقال‏:‏ ‏[‏ص 275‏]‏ طوبى فذكره وهكذا رواه عنه الديلمي أيضاً وفيه عند مخرجه عمرون بن عبد الجبار السخاوي أورده في الضعفاء قال ابن عدي‏:‏ روى عن عمه مناكير وعبيدة بن حسان أورده الذهبي في ذيل الضعفاء والمتروكين‏.‏

2290 - ‏(‏طوبى للسابقين إلى ظل اللّه‏)‏ أي إلى ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله قيل‏:‏ ومن هم قال‏:‏ ‏(‏الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا سئلوه بذلوه‏)‏ أي أعطوا من غير مطل ولا تسويف ‏(‏والذين يحكمون للناس بحكمهم لأنفسهم‏)‏ هذه صفة أهل القناعة وهي الحياة الطيبة التي ذكرها اللّه بقوله ‏{‏فلنحيينه حياة طيبة‏}‏ ثم ذكر جزاءه بقوله ‏{‏ولنجزينهم أجرهم‏}‏ الآية‏.‏ فباللّه استغنوا حتى قنعوا بما أعطوا وللّه انقادوا وألقوا بأيديهم حتى بذلوا الحق إذا سئلوا وإلى اللّه أقبلوا حتى صيرهم أمناءه وحكامه في أرضه يحكمون للناس بحكمهم لأنفسهم فإن النفس ميالة وصاحبها لا يألوها نصحاً فمن كمال عدله أن يحكم للناس بمثله‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

5291 - ‏(‏طوبى للعلماء‏)‏ أي الجنة لهم ‏(‏طوبى للعبَّاد‏)‏ بتشديد الباء ‏(‏ويل لأهل الأسواق‏)‏ أي حزن وهلاك ومشقة لهم لاستيلاء الغفلة والتخليط عليهم فهم كهمج وذباب يتطايرون من مزبلة لمزبلة على ألوان القاذورات فيقعن عليها ثم شغلوا بالغش والخيانة والأيمان الباطلة والمكاسب الرديئة قد لزمهم العدو فسباهم فصيرهم على شرف حريق ونزل عذاب ‏{‏وما يذكر إلا أولوا الألباب‏}‏‏.‏

- ‏(‏فر عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

5292 - ‏(‏طوبى لعيش بعد المسيح‏)‏ أي بعد نزول المسيح إلى الأرض في آخر الزمان وهو لقب عيسى عليه السلام أصله مسيحاً بالعبرانية وهو المبارك وما قيل إنه فعيل بمعنى مفعول لقب به لأنه مسح بالبركة والطهارة من الذنوب أو لأنه خرج من بطن أمه ممسوحاً بالدهن أو لأن جبريل مسحه بجناحه أو بمعنى فاعل لأنه كان يمسح الأرض بالسير أو كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ فلا يثبت كذا ذكره القاضي، وذكر صاحب القاموس أنه جمع في سبب تسميته بذلك خمسين قولاً أوردها في شرح المشارق ‏(‏يؤذن السماء في القطر‏)‏ فتمطر ‏(‏ويذدن للأرض في النبات‏)‏ فتنبت نباتاً حسناً ‏(‏حتى لو بذرت حبك على الصفا‏)‏ أي الحجر الأملس ‏(‏لنبت‏)‏ طاعة لإذن خالقها ‏(‏وحتى يمر الرجل على الأسد‏)‏ أي الحيوان المفترس المشهور ‏(‏فلا يضره ويطأ على الحية فلا تضره ولا تشاح‏)‏ بين الناس ‏(‏ولا تحاسد ولا تباغض‏)‏ مقصود الحديث أن النقص في الأموال والثمرات ووقوع التحاسد والتباغض إنما هو من شؤم الذنوب فإذا طهرت الأرض أخرجت بركتها وعادت كما كانت حتى أن العصابة ليأكلون الرمانة ويستظلون بقحفها ويكون العنقود من العنب وقر بعير فالأرض إذا طهرت ظهر فيها آثار البركة التي محقتها الذنوب ذكره ابن القيم وبالعدل يحصل الأمان ويزول التعدي والعدوان‏.‏

- ‏(‏أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين عن أبي هريرة‏)‏ ظاهر عدول المصنف للنقاش أنه لم يره مخرّجاً لأحد من المشاهير وهو غفلة فقد خرجه أبو نعيم والديلمي وغيرهما‏.‏

5293 - ‏(‏طوبى لمن أدركني وآمن بي وطوبى لمن لم يدركني ثم آمن بي‏)‏ زاد ابن وهب عن أبي سعيد فقال رجل‏:‏ يا رسول اللّه ‏[‏ص 276‏]‏ وما طوبى قال‏:‏ شجرة في الجنة مسيرة مئة سنة ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه الطبراني من حديث ابن عمر فاقتصار المصنف على ابن النجار غير سديد‏.‏

5294 - ‏(‏طوبى لمن أكثر الجهاد في سبيل اللّه‏)‏ بقصد إعلاء كلمة اللّه ‏(‏طوبى لمن ذكر اللّه فإن له بكل كلمة سبعين ألف حسنة كل حسنة منها عشرة أضعاف مع الذي له عند اللّه من المزيد والنفقة على قدر ذلك‏)‏ تمامه عند الطبراني قال عبد الرحمن لمعاذ‏:‏ إنما النفقة بسبع مئة ضعف فقال معاذ‏:‏ قل فهمك إنما ذاك إذا أنفقوها وهم مقيمون في أهليهم غير غزاة فإذا غزوا وأنفقوا خبأ اللّه لهم من خزانة رحمته ما ينقطع عنده علم العبد فأولئك حزب اللّه وحزب اللّه هم الغالبون‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الديلمي ‏(‏عن معاذ‏)‏ بن جبل قال الذهبي‏:‏ فيه رجل لم يسم‏.‏

5295 - ‏(‏طوبى لمن أسكنه اللّه تعالى إحدى العروسين‏)‏ والعروسين تثنية عروس وهو وصف يشترك فيه الذكر والأنثى ‏(‏عسقلان أو غزة‏)‏ هذا تنويه عظيم بفضل البلدين وترغيب في السكنى بهما‏.‏

- ‏(‏فر عن ابن الزبير‏)‏ وفيه إسماعيل بن عياش وفيه خلاف عن سعيد بن يوسف أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ ضعفه ابن معين والنسائي عن مصعب بن ثابت وقد ضعفوا حديثه‏.‏

5296 - ‏(‏طوبى لمن أسلم‏)‏ وفي رواية للقضاعي طوبى لمن هدي للإسلام ‏(‏وكان عيشه كفافاً‏)‏ أي بقدر كفايته لا يشغله ولا يطغيه قال في الحكم‏:‏ من تمام النعمة عليك أن يرزقك اللّه ما يكفيك ويمنعك ما يطغيك قال الشاعر‏:‏

والنفس راغبة إذا رغبتها * وإذا تردّ إلى قليل تقنع

واستدل به من فضل الفقر على الغنى فقال‏:‏ قد غبط النبي صلى اللّه عليه وسلم من كان عيشه كفافاً وأخبر بفلاحه وكفى به شرفاً‏.‏

- ‏(‏الرازي‏)‏ في مشيخته ‏(‏عن أنس بن مالك ورواه القضاعي والشهاب وقال شارحوه‏:‏ غريب‏.‏

5297 - ‏(‏طوبى لمن بات حاجاً وأصبح غازياً رجل مستور ذو عيال متعفف قانع باليسير من الدنيا يدخل عليهم ضاحكاً ويخرج منهم ضاحكاً فوالذي نفسي بيده‏)‏ أي بقدرته وتصريفه ‏(‏إنهم هم الحاجون الغازون في سبيل اللّه عز وجل‏)‏ أي هم الحاجون الغازون حقاً لا غيرهم إذ لا فائدة في ذلك إلا بيان كونهم أفضل يعني أن غيرهم ربما كان غازياً حاجاً متلبساً بأضداد ما ذكر فلا فضل له مثل هذا يشير به إلى فضل القناعة مع الرضى قال ذو النون‏:‏ سلب الغنى من سلب الرضا ومن لم يقنعه اليسير افتقر في طلب الكثير وقال عطاء‏:‏ الزم القناعة تشرف في الدنيا والآخرة فليس الشرف في الإكثار وقال حكيم‏:‏ من باع الحرص بالقناعة ظفر بالعز والمروءة وقال في الحكم‏:‏ ما بسقت أغصان ذل إلا على بذر طمع‏.‏

- ‏(‏فر عن أبي هريرة‏)‏ وفيه إسحاق بن إبراهيم الديري عن عبد الرزاق أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ استصغر في عبد الرزاق‏.‏

‏[‏ص 277‏]‏ 5298 - ‏(‏طوبى لمن ترك الجهل وآتى الفضل‏)‏ أي الأمر الفاضل وهو تعلم العلم بقرينة مقابلته بالجهل أو بذل الفاضل من ماله للمواساة ويؤيده قوله في الحديث وأنفق الفضل من ماله ‏(‏وعمل بالعدل‏)‏ الذي قامت به السماوات والأرض ومدار قيام نظام العالم عليه قال الغزالي‏:‏ ويعني بالعدل حالة للنفس وقوة بها لتسوس الغضب والشهوة وتحملهما على مقتضى الحكمة وتضبطهما في الاسترسال والانقباض على حسب مقتضاها قال الراغب‏:‏ والعدالة تارة تقال في الفضائل كلها من حيث إنه لا يخرج شيء من الفضائل عنها وتارة يقال هي أكمل الفضائل من حيث إن صاحبها يقدر أن يستعملها في نفسه وفي غيره وهي ميزان اللّه المبرأ من كل زلة ويثبت بها أمر العالم‏.‏

- ‏(‏حل عن زيد بن أسلم‏)‏ بفتح الهمزة واللام ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

5299 - ‏(‏طوبى لمن تواضع في غير منقصة‏)‏ بأن لا يضع نفسه بمكان يزرى به ويؤدي إلى تضييع حق الحق أو الخلق فإن القصد بالتواضع خفض الجناح للمؤمنين مع بقاء عزة الدين فالتواضع الذي يعود على الدين بالنقص ليس بمطلوب قال الخواص‏:‏ إياك والإكثار من ذكر نقائصك لأن به يقل شكرك فما ربحت من جهة نظرك إلى عيوبك خسرته من جهة تعاميك عن محاسنك التي أودعها الحق فيك وقال‏:‏ شهود المحاسن هو الأصل وأما نقائصك فإنما طلب النظر إليها بقدر الحاجة لئلا يقع في العجب وقال‏:‏ إذا أغضبك أحد لغير شيء فلا تبدأه بالصلح لأنك تذل نفسك في غير محل وتكبر نفسه بغير حق ومن ثم قيل‏:‏ الإفراط في التواضع يورث الذلة والإفراط في المؤانسة يورث المهانة قال ابن عربي‏:‏ الخضوع واجب في كل حال إلى اللّه تعالى باطناً وظاهراً فإذا اتفق أن يقام العبد في موطن الأولى فيه ظهور عزة الإيمان وجبروته وعظمته لعز المؤمن وعظمته وجبروته ويظهر في المؤمن من الأنفة والجبروت ما يناقض الخضوع والذلة فالأولى إظهار ما يقتضيه ذلك الموطن قال تعالى ‏{‏ولو كنت فظاً غليظ القلب‏}‏ الآية وقال ‏{‏واغلظ عليهم‏}‏ فهذا من باب إظهار عزة الإيمان بعزة المؤمن وفي الحديث أن التبختر مشية يبغضها اللّه إلا بين الصفين فإذا علمت أن للمواطن أحكاماً فافعل بمقتضاها تكن حكيماً قال ابن القيم‏:‏ والفرق بين التواضع والمهانة أن التواضع يتوالد من بين العلم باللّه وصفاته ونعوت جلاله ومحبته وإجلاله وبين معرفته بنفسه ونقائصها وعيوب عمله وآفاتها فتولد من ذلك خلق هو التواضع وانكسار القلب للّه وخفض جناح الذل والرحمة للخلق والمهانة الدناءة والخسة وبذل النفس وابتذالها في نيل حظوظها كتواضع الفاعل للمفعول به وقال الراغب‏:‏ الفرق بين التواضع والضعة أن التواضع رضا الإنسان بمنزلة دون ما تستحقه منزلته والضعة وضع الإنسان نفسه بمحل يزرى به والفرق بين التواضع والخشوع أن التواضع يعتبر بالأخلاق والأفعال الظاهرة والباطنة والخشوع يقال باعتبار أفعال الجوارح ولذلك قيل‏:‏ إذا تواضع القلب خشعت الجوارح قال بعض الحكماء‏:‏ وجدنا التواضع مع الجهل والبخل أحمد من الكبر مع الأدب فأنبل بحسنة غطت على سيئتين وأقبح بسيئة غطت على حسنتين والكبر ظن الإنسان بنفسه أنه أكبر من غيره والتكبر إظهار ذلك وهذه صفة لا يستحقها إلا اللّه وحده فمن ادعاها من المخلوقين فهو كاذب وفي أثر‏:‏ الكبر على المتكبر صدقة لأن المتكبر إذا تواضعت له تمادى في تيهه وإذا تكبر عليه يمكن أن ينبه ومن ثم قال الشافعي‏:‏ ما تكبر عليّ متكبر مرتين وقال الزهري‏:‏ التجبر على أبناء الدنيا أوثق عرى الإسلام ‏(‏وأذل نفسه في غير مسكنة‏)‏ قال الغزالي‏:‏ تشبث به طائفة الفقهاء فقلما ينفك أحدهم عن التكبر على الأمثال والترفع إلى فوق قدره حتى إنهم ليتقاتلون على مجلس من المجالس في الارتفاع والانخفاض والقرب من وسادة الصدر والبعد منها والتقدم في الدخول عند مضايق الطرق ويتعللون بأنه ينبغي صيانة العالم عن الابتذال وأن المؤمن منهي عن إذلال نفسه فيعبر عن التواضع الذي أثنى اللّه عليه بالذل وعن التكبر الممقوت عند اللّه بعز الدين تحريفاً ‏[‏ص 278‏]‏ للاسم وإضلالاً للخلق‏.‏

فائدة‏:‏ روى العسكري أن رجلاً مر على عمر وقد تخشع وتذلل وبالغ في الخضوع فقال عمر‏:‏ ألست مسلماً قال‏:‏ بلى قال‏:‏ فارفع رأسك وامدد عنقك فإن الإسلام عزيز منيع ‏(‏وأنفق من مال جمعه في غير معصية‏)‏ أي صرف منه في وجوه الطاعات وفيه إشعار بأن الصدقة لا تكون إلا من مال حلال وعبر بمن التبعيضية إشارة إلى ترك التصدق بكل المال ‏(‏وخالط أهل الفقه والحكمة‏)‏ الذين بمخالطتهم تحيى القلوب ‏(‏ورحم أهل الذل والمسكنة‏)‏ أي عطف عليهم ورق لهم وواساهم بمقدوره ‏(‏طوبى لمن ذلّ نفسه‏)‏ أي رأى ذلها وعجزها فلم يتكبر وتذلل لحقوق الحق وتواضع للخلق ـ روي أن الصدّيق لما ولي الخلافة قالت جويرية من الحي‏:‏ إذن لا يحلب لنا منائحنا فسمعها فقال‏:‏ يا بنية إني لأرجو أن لا يمنعني ما دخلت فيه عن خلق كنت عليه فكان يحلب للقوم شياههم، وروي أن الفاروق حمل حال خلافته قربة إلى بيت امرأة أرملة أنصارية ومرّ بها في المجامع ‏(‏وطاب كسبه‏)‏ بأن كان من وجه حل ‏(‏وحسنت سريرته‏)‏ بصفاء التوحيد والثقة بوعد اللّه والخوف منه والرجاء والشفقة على خلقه والمحبة لأوليائه ‏(‏وكرمت علانيته‏)‏ أي ظهرت أنوار سريرته على جوارحه فكرمت أفعالها بتقوى اللّه وبمكارم أخلاق الدين بالصدق والبر ومراعاة الحقوق ‏(‏وعزل عن الناس شره‏)‏ فلم يؤذهم ومن ثم قال مالك بن دينار لراهب‏:‏ عظني فقال‏:‏ إن استطعت أن تجعل بينك وبين الناس سوراً من حديد فافعل، وقيل لبقراط‏:‏ لم لا تعاشر الناس فقال‏:‏ وجدت الخلوة أجمع لدواعي السلوة ‏(‏طوبى لمن عمل بعلمه‏)‏ لينجو غداً من كون علمه حجة عليه وشاهداً بتفريطه ‏(‏وأنفق الفضل من ماله‏)‏ أي صرف الزائد عن حاجته وحاجة عياله في وجوه القرب لئلا يطغى ويسكن قلبه إليه ويحظى بثوابه في العقبى ‏(‏وأمسك الفضل من قوله‏)‏ أي وأمسك لسانه عن النطق بما يزيد على الحاجة بأن ترك الكلام فيما لا يعنيه قال بعض العارفين‏:‏ من شغل بنفسه شغل عن الناس وهذا مقام العاملين ومن شغل بربه شغل عن نفسه وهذا مقام العارفين وفي بعض النسخ من قوته بدل قوله فليحرر‏.‏